تاريخ فلسطين في طوابع البريد»

تاريخ فلسطين في طوابع البريد»

التاريخ: 1421-12-8 هـ الموافق: 2001-03-03م الساعة: 00:00:00

بداية ظهور الطوابع الفرنسية والانكليزية سنة 1920 فيدل ايضا على بدء سيطرة فرنسا وانكلترا على المنطقة..

تخفي طوابع البريد، في مساحتها الصغيرة جدا، الكثير من المعلومات السياسية والثقافية والمعرفية اكثر مما تفصح. وللوهلة الاولى تبدو الطوابع مجرد صورة فقط، لكن الباحث المدقق يستطيع ان يستخرج منها تواريخ وحقائق وسيرا ومعلومات. فهي تروي، بالصورة، الاحداث الكبرى التي مرت بها الدولة المعنية، وتشير الى المعالم التاريخية لهذا البلد او ذاك، وتتحدث عن انجازات شعب بعينه، وعن تراثه وآثاره ومآثره. والطوابع بحد ذاتها، وسيله للمعرفة البسيطة والاولية، فاختفاء الطابع العثماني مثلا من طوابع بلاد الشام ابتداء من سنة 1918 فصاعدا، يدل على زوال السلطة العثمانية. اما بداية ظهور الطوابع الفرنسية والانكليزية سنة 1920 فيدل ايضا على بدء سيطرة فرنسا وانكلترا على المنطقة. وهواية جمع الطوابع صارت، منذ زمن بعيد، هواية عالمية شديدة الشيوع، وتطورت حتى باتت لها مواصفات ومقاييس، كما صارت لها مجلات ووسائل للتبادل وأسواق وزُبُن ومزادات وغيرها. وتزداد قيمة الطوابع اذا وقعت فيها أخطاء في الطباعة او في التوشيح او التخريم او في العلامات واللون، لأن عدد الطوابع الغلط يكون، في هذه الحال، محدودا.
بريد الخلفاء
اهتم الخلفاء العرب، اهتماما شديدا بالبريد فأسرجوا لنقله الخيل ورتبوا له محطات ومنارات يهتدي بها أصحاب البريد. ثم مهدوا طرقاته وشادوا عليها الخانات ونصبوا ألواحا لتقدير الأميال بين المواقع. وشاع استخدام البريد الطائر، وجرى تنظيم نقله بالحمام الزاجل، وامتاز التراسل به باختيار نوع من الورق الخفيف، والكتابة بخط دقيق توخيا للايجاز. وكانت الرسالة ترسل مع حمامتين في آن واحد لزيادة الاطمئنان، فتُطلق إحداهما بعد الاخرى بساعتين مثلا، حتى اذا ضلت واحدة او صيدت أمكن الاعتماد على الثانية.
اما في العهد التركي فقد ظهرت اولى الخدمات البريدية في سنة 1840، وهي السنة نفسها التي ظهر فيها الطابع البريدي في انكلترا، فافتتحت مكاتب البريد في القدس وبيروت ودمشق. وكان السعاة ينقلون الرسائل بعد وزنها واستيفاء الرسوم عنها نقدا من دون طوابع. وكان موعد الانطلاق من بيروت الى القدس والعكس يوم الاربعاء من كل اسبوع بحيث يكون يوم الوصول الاحد. وفي سنة 1867 صارت خطوط البريد تسير مرتين في الاسبوع بدلا من مرة. وفي سنة 1856 استعانت الحكومة التركية بخبير بريطاني لإصدار أول طابع بريدي، فصدر في الاول من كانون الثاني 1863، ثم ظهرت الاختام البريدية تباعا. ومنذ سنة 1920 أصبحت فلسطين تحت الادارة المدنية البريطانية بموجب صك الانتداب، فصدرت طوابع موشحة بثلاث لغات ورسمت كلمة “فلسطين” بالعربية في الاعلى ثم كلمة "Palestine" في الوسط ثم كلمة فلسطين بالعبرية في أسفل الطابع.
فلسطين في طوابع البريد
مناسبة هذا الكلام هو صدور كتاب “تاريخ فلسطين في طوابع البريد”. ويعتبر هذا الكتاب ليس كتابا جميلا فحسب، بل تحفة فنية، وعملا بصريا ممتعا احتوى جميع طوابع البريد التي ظهرت في فلسطين وعن فلسطين منذ العهد العثماني حتى أيامنا هذه. وقد صرف نادر أبو الجبين أربعين سنة وهو يتتبع مصادرها بأناة العاشق، ويجمع سلاسلها بدأب النملة ودقة الصائغ، حتى باتت مجموعته هذه أكمل وأشمل مجموعة لطوابع البريد عن فلسطين، فهي جميع الطوابع التي أصدرتها الدول العربية ودول العالم الاخرى تضامنا مع فلسطين وقضيتها وشعبها، حتى يمكن المجازفة بالقول ان طوابع هذا الكتاب الفاخر تمثل رصدا للمواقف التضامنية مع القضية الفلسطينية التي اتخذتها بعض دول العالم، وسجلا يروي الجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، ويوثق، بالصورة، القدس والعلم الفلسطيني وخريطة فلسطين معا. وليس هذا الكتاب هو الاول في مضماره، فقد سبقه كتاب “فلسطين في طوابع البريد” لنبيل شعت وحسناء مكداشي (1981)، ثم كتاب “فلسطين: طوابع وأختام” لميشال اسطفان (1991). غير ان هذا الكتاب لا يكمل ما قصّر عنه الكتابان السابقان فحسب، بل يتوسع في البحث والجمع حتى يقترب من الشمول الى حد كبير.
قصارى القول ان هذا الكتاب المتخصص في حقله، يلبي حاجة الخبراء والهواة معا الى المعرفة التفصيلية بتاريخ الطوابع في فلسطين وتاريخ البريد في بلاد الشام. وهو، فضلا عن ذلك كله، يضيف الى المعرفة بتاريخ الطوابع متعة بصرية تثيرها، بلا شك، رؤية مئات الطوابع الملونة وأختامها في حقب تاريخية مختلفة
الكتاب: تاريخ فلسطين في طوابع البريد
الكاتب: نادر أبو الجبين