admin المدير العام
عدد الرسائل : 713 العمر : 33 الموقع : https://arobe.all-up.com تاريخ التسجيل : 09/03/2008
| موضوع: الأحداث وملامح الفن الفلسطيني المعاصر الخميس أبريل 03, 2008 9:27 am | |
| الأحداث وملامح الفن الفلسطيني المعاصر
التاريخ: 1423-2-18 هـ الموافق: 2002-04-30م الساعة: 00:00:00
تلعب الاحداث المصيرية في تاريخ الشعوب دورا بارزا في تحديد ملامح وخصوصية فنونها الجميلة ،كما تساهم في بناء الخلفية الثقافية لتلك الفنون، وبالتالي تترك آثارها المباشرة وغير المباشرة لمرحلة أو لعدة مراحل ،و وقد تمتد التأثيرات لعدة أجيال فما زال الفنانون إلى يومنا هذا يستلهمون بطولات الآباء والأجداد في مواجهتهم النازية وانتصارهم عليها. وفي تصويرهم المجازر التي ارتكبت بحق شعوبهم وتخليدهم للشهداء.
وتمثل الاحداث المصيرية في الفن الفلسطيني المعاصر المصادر الاساسية التي تدور حولها موضوعات ومضامين الفنانين الفلسطينيين على اختلاف أجيالهم واساليبهم الفنية وتقنياتهم ، وفي كثير من الحالات تشكل تلك الاحداث «نكبة فلسطين ـ دير ياسين وخان يونس ـ انطلاقة الثورة ـ الكرامة ـالجنوب اللبناني ـ حصار بيروت والتصدي والمواجهة ـ مجازر صبرا وشاتيلا » الدافع الاساسي للتعبير الفني وصولا إلى اساليب التعبير والمضامين المتنوعة بتنوع الحالات الانسانية المرتبطة بالاحداث ،ولم يقف أثر الاحداث في الفن الفلسطيني المعاصر عند حدود مصادر التعبير والموضوعات والمضامين، بل وصل إلى العناصر والرموز المستخدمة في الاعمال الفنية، من عام النكبة إلى المرحلة الراهنة . ووصل اثر الاحداث إلى الاتجاهات التراثية التي برزت كشكل من أشكال تأكيد الهوية الفلسطينية تاريخيا. ولا نبالغ إذا قلنا بأن الفن الفلسطيني المعاصر وعبر مختلف مراحل واتجاهاته قد تميز في تعبيره عن الواقع الفلسطيني بأحداثه ومتغيراته وقضاياه ، وتطور عبر ربطه القيم التعبيرية بالقيم الجمالية الفولكلورية والتراثية القديمة، فأشكال التعبير على اختلاف مقاصدها تنشد في النتيجة ربط الواقع «المأساوي» و«النضالي» بالجذور الحضارية التي صنعها الاجداد، بالهوية الفلسطينية التي يعمل الكيان الإسرائيلي الدخيل على طمسها وتزويرها ، وهذا يعني أن أية دراسة نقدية تتم بمعزل عن البحث في الاحداث وأثرها في الانتاج الفني ستبقى قاصرة عن تحديد الخصوصية الجمالية والتعبيرية للفن الفلسطيني . فماذا عن تأثيرات الأحداث ودورها في صياغة ما هو متميز في ارتباطه بالحياة الفلسطينية؟
يشير الفن الفلسطيني المعاصر في مرحلة النكبة «أواخر الاربعينات والخمسينات» إلى تأكيد الفنيين على الموضوعات التي تعبر عن النكبة والتشرد والغرب والمجازر والحياة في المخيمات، والحنين إلى الوطن عبر تصوير المشاهد التي هي الواقع «النكبة»والذكريات «الماضي القريب» . وهكذا مثلت النكبة البدايات الاولى عبر الموضوعات المستوحاة منها والمضامين المأساوية، وصور الحنين الدفين ، وكانت الخيام والأسلاك الشائكة والحدود والاسوار والأرض القاحلة ، العناصر الأكثر حضوراً وانتشاراً في تجارب الجيل الفني الذي ظهر بعد النكبة مباشرة.
وظهرت التسجيلية كشكل من أشكال التعبير الذي ينشد صياغة تفاصيل النكبة، وقدمت شهادة على مرحلة ، وارتبطت بوشائج جمالية متنوعة «التعبيرية» «الرومانسية» «الشاعرية» ، حيث نرى الاندفاعات التعبيرية الشديدة في الأعمال لافنية التي عبرت عن المجازر الاولى، ونرى الرومانسية في صور العائلة المشردة والوجوه الحزينة الباكية التي تستدر العطف ، وتتمثل الشاعرية في صور الحنين إلى الوطن، او لنقل في التجارب الفنية التي عكست المشاهد المستوحاة من الذكريات الجميلة، من الحياة الفلسطينية قبل النكبة ، المدن والقرى وبيارات البرتقال والليمون واشجار الزيتون ومواسم الحصاد، وغيرها من المشاهد التي تدفع إلى المقارنة بين الحاضر والماضي القريب ، وبعد عدة سنوات من الانتظار أخذت صور الحنين إلى الماضي أشكالا جديدة فبرزت القرى والمدن واتسعت دائرة الآلام والمآسي، فظهر الفلسطيني المصلوب والعائلة المصلوبة ثم المدينة المصلوبة وأخيراً فلسطين المصلوبة.
وهذا ما تكشف لنا بوضوح في تجارب الرواد الاوائل ، ومنهم من استمر في التأكيد علىالموضوعات المستوحاة من النكبة وحتى فترة متأخرة من الستينات ومع ولادة الثورة الفلسطينية المسلحة في منتصف الستينات وتبدل الواقع الفلسطيني ، من «عائلة مشردة» تعيش في خيمة وتستدر العطف وتنتظر العودة إلى «عائلة مقاتلة» تناضل وتواجه العدو على الحدود وفي عمق الأرض المحتلة وتبدلت الموضوعات والمضامين وبالتالي الرموز والعناصر وأشكال التعبير ومختلف الجماليات، وهكذا قامت الثورة لتزرع الأمل في العودة ولتعمل على تحقيقه كفعل واقعي ثوري.. أي وضعت الحلم في مساحة الواقع، وبذلك تبدلت صورة الفلسطيني في الفن التشكيلي من لاجيء لا حول ولا قوة له امام الاحتلال وسلب الأرض والمذابح إلى مقاتل أعد نفسه للنضال ، للتحرير والعودة، ووصل في بطولاته إلى عمق الأرض المحتلة، وكما كان الحزن عميقا والالم شديداً ، كذلك جاء الأمل كبيراً ، حيث احدثت الثورة تحولا جذريا في الموضوعات والمضامين واساليب التعبير، فلم تعد الخيمة هي الموضوع السائد، بل أصبحت العمليات الفدائية اليومية محور التعبير، واصبح المقاتل العنصر الاساسي في الاعمال الفنية، في النحت والتصوير والحفر والملصق كما في الرسوم الصحفية وأغلفة المجلات الفلسطينية ، وغابت التسجيلية والرومانسية والشاعرية لتحل محلها التعبيرية والسريالية والاتجاهات الذاتية، ومع استمرارية العلميات البطولية وتطور أساليب النضال المسلح برزت مضامين جديدة نابعة من جراح المقاتلين ورفاقهم الشهداء، فظهر المقاتلين ورفاقهم الشهداء ، فظهر المقاتل الذي يضمد جراحه ويتابع مسيرته ، والشهيد الذي يهب في استشهاده الحياة للآخرين، والشهيد الحي ، والمقاتل الاسطوري الذي يضرب جذوره في عمق التراب الفلسطيني ليصل إلى الجذور.. إلى الاساطير والحكايات الى التاريخ النضالي إلى الحالات المماثلة في التاريخ الفلسطيني القديم ، إلى بطولات الأجداد وتصديهم للغزاة عبر التاريخ ودحرهم والانتصار.
واتسعت وتنوعت المضامين المرتبطة بالمقاتل .. المقاتل الذي يدافع ليس عن أرضه وشعبه فقط ، بل عن تراثه، حضارته ، أيضا، وهكذا ظهرت العناصر والجماليات الفولكلورية والتراثية لتؤكد الهوية الفلسطينية عبر التاريخ.
وفي عام الاجتياح والحصار والمجازر والخروج من بيروت تنوعت الموضوعات بتنوع الأحداث المتلاحقة ، فبرزت الصور التي تمجد البطولة والفداء من قلعة الشقيف إلى محاور القتال في بيروت مروراً بكل المناطق التي شهدت البطولة الفلسطينية في أروع صورها. ثم كانت مجازر صبرا وشاتيلا التي كشفت عن الوجه الحقيقي البشع للغزاة الصهاينة وتعطشهم للدماء وقتلهم الابرياء من شيوخ ونساء وأطفال. وكان التحول في التعبير الفني، وكان رد الفعل المأساوي شديدا ، فصور الفنانون المأساة في أحلك صورها وصولا إلى الفاجع والسوداوي ، إلا أن الاعمال الفنية التي ظهرت في السنوات التي تلت عام المجزرة اكدت من جديد قدرة شعبنا الفلسطيني على الاستمرارية في النضال رغم حجم المجازر فالشعوب المناضلة لا تموت وهذا ما كشفت عنه عشرات الاعمال الفنية ، وهكذا كان الفن الفلسطيني وما زال شاهداً أمنياً ومعبرا عن الحياة الفلسطينية بمختلف أحداثها، وبذلك عكس وجهي الحياة.. الآلام والآمال ، مبشراً بحتمية النصر عبر استمرارية الثورة.
| |
|
هاشم ابو شمعة غضو ذهبي
عدد الرسائل : 253 العمر : 31 الموقع : www.panet.co.il الهواية : الكمبيوتر تاريخ التسجيل : 20/03/2008
| موضوع: رد: الأحداث وملامح الفن الفلسطيني المعاصر الجمعة أبريل 11, 2008 2:03 am | |
| | |
|