يتميز الإنسان عن باقي الكائنات الحية برقي تكوينه و قدراته العقلية, واستطاع الإنسان بفعل تطور قدراته العقلية أن يسخر موارد الأرض لخدمته ورفع مستوى معيشته، مستفيداً من خبرات من سبقه من البشر.
فبفضل تطور القدرات العقلية للإنسان تقدم في كثير من المجالات, ففي مجال المواصلات مثلاً انتقل من السير على قدميه إلى ترويض الحيوانات ثم اختراع العجلات إلى السيارات فالطائرات وهكذا، وقس على ذلك تقدمه في سائر المجالات الأخرى كالزراعة والاتصالات .والفلك وغيرها.
لقد تحققت هذه الإنجازات بفضل عقول مدربه و مؤهلة انتهجت أسلوباً علمياً دقيقاً بدأته بملاحظة ظواهر هذا الكون وتدوينها ثم وضع الفرضيات و التنبؤات لتفسيرها وبعد ذلك إجراء التجارب باستخدام آلات وأدوات القياس و أخيراً دراسة النتائج التجريبية ومقارنتها بالظواهر الطبيعية سعيا للإجابة على أسئلة مثل: لماذا يحدث ذلك؟ وكيف يحدث ذلك؟ وكيف يمكن الاستفادة من ذلك؟
وهذا العقول العلمية المدربة أوصلتها دراساتها وبحوثها و تجاربها إلى قواعد ونظريات وقوانين كانت نويات مجالات العلوم الأساسية وهي الفيزياء والكيمياء و الأحياء, وكان للرياضيات دوراً أساسياً في صياغة العلاقات الرياضية التي تعبر عن القواعد أو القوانين مما ساعد في دراسة هذه الظواهر وتفسيرها والاستفادة منها.
لقد شاركت كل فروع العلوم الأساسية ومن ضمنها الرياضيات في بناء الحضارات التكنولوجية المعاصرة وكان للفيزياء الدور الريادي في ذلك, حيث يندر أن تجد صرحاً تكنولوجياً لم يكن للفيزياء دور فيه. فارتكازاً على مفاهيم الفيزياء صممت أنظمة البحث و التجريب للعلوم الأخرى التي كانت أساس بناء المصانع و إنتاج الأجهزة والآلات و تبقى هذه الأجهزة والآلات دون فعالية بدون طاقة لتشغيلها. فالسيارة كتلة حديد ساكنة بلا وقود و التلفاز لوح زجاجي معتم بلا كهرباء و البيت حجرات معتمة و باردة دون ضوء وحرارة والسفينة هيكل خشبي أو حديدي مجوف يطفو على سطح الماء بدون رياح أو وقود يسيرها, والنبات لا ينمو دون ضوء و حرارة.
وما الوقود والكهرباء و الرياح و الضوء و الحرارة إلا صور للطاقة, فالطاقة هي الأساس لوجود الحياة على الأرض، والقدرة على استثمار الطاقة بالشكل الصحيح يحدد مستوى التقدم العلمي والتكنولوجي, ولن يكون هذا الاستثمار صحيحاً إلا إذا تدربت فئة لها القدرة على فهم العلوم و تطبيقها باستخدام المادة