تساؤلات شرعية في قضايا التأمين
ما أدلة مشروعية التأمين التعاوني ؟
السؤال :
قرأنا في مجلات الاقتصاد الإسلامي أن التأمين التعاوني حلال لا شبهة فيه ، فالرجاء توضيح أسباب ذلك .
الجواب :
« لا شك أن هذا النوع من التأمين هو من قبيل التعاون على البر والتقوى الذي ينطبق عليه قول الله تبارك وتعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة: 2]، ويستوى في ذلك الحكم التعاون الاختياري ، والتعاون الحكومي الإجباري ، لأنها شركة بين المنتفعين به ، المؤمنون هم المستأمنون ، بشرط أن يكون الكسب حلالاً لا شبهة فيه ، ولا نرى في المذهب الحنفي ما يعارض ذلك النظر ، وخصوصًا أنه خاضع للنص القرآن المذكور بعاليه ، وأنه يستأنس له بالمؤاخاة التي كانت في صدر الإسلام وقام بها النبي –صلى الله عليه وسلم- ، وفوق ذلك هو أصل التأمين الذي عرف من بعد ذلك إلى عقود بين شركات مستغلة ومستأمنين » .
وفي مجال تحبيذ هذا التأمين ، ومعارضة التأمين التجاري ذي الأقساط المحددة، إن دفع الحاجة يمكن بإيجاد جماعات تعاونية تتعاون فيما بينها على دفع الأضرار ومجابهة الحوادث ، فنحن لا نحكم بالتأمين غير التعاوني كأمر ضروري أو حاجى ، إذ لا نفرض أنه لا يمكن أن يوجد تأمين سواه ، إن الضرورة أو الحاجة لا تكون إلا حيث تستغلق الأمور ، ويتعين المحرم سبيلا للإنقاذ ، فمن وجد طعامًا ولو ضئيلاً لا يأكل الميتة ، وهذا الذي يبلغ به الجوع أقصاه ، ولا يوجد إلا الخنزير يأكله ، فإنه يباح له أكله ولكن إن وجد طعامًا آخر ، هو دون الخنزير اشتهاء ، مع أنه طيب حلال لا يعد في حال ضرورة . والأمر هنا كذلك فإن التأمين التعاوني مفتح الأبواب ، وإن لم يكن قائمًا أقمناه ، وإن كان ضيقًا وسعناه . ويعجبني في هذا المقام عمل أذكره معتزًا بعزة الإسلام فيه ، وهو أن قائدي السيارات في الخرطوم عندما فرض عليهم نظام التأمين كونوا من بينهم جماعة تعاونية تكون هي المؤمنة فيكونون جميعًا مؤمنين ومستأمنين ، حفظ الله لهم إيمانهم وبارك لهم في أرزاقهم ، فهلا دعونا العالم الإسلامي إلى إيجاد نظام تأميني تعاوني بدل النظام غير التعاوني ، الذي ابتدعه اليهود ونشروه في ربوع العالم . هلا اجتمع الجار في كل بلد إسلامي ، وكونوا من بينهم جماعات تعاونية تؤمن على البضائع في البحار، وفي الجو ، ليأمنوا مخاطر الطريق ، ويكون المستأمنون منهم ، والمؤمنون منهم ، فلا يكون ثمة تعاقد إلا ما أنشأوا به جماعتهم ، واتفقوا عليه ، وهلا أنشأ أصحاب السيارات سواء كانت سيارات أجرة أو نقل ، أم سيارات مملوكة لاستعمال أصحابها في غدوهم ورواحهم وأسفارهم ، إنهم إن فعلوا يقيموا بناء اقتصاديًا ، وبناء اجتماعيًا سليمًا وحسب التعاون أساسًا فاضلاً لكل مجتمع فاضل ، إننا بهذا لا نقيم دعائم الدين فقط ، بل نمنع الاستغلال .
وليس لنا أن نملأ أشداقنا بأننا مسلمون وكأننا نريد أن يكون الإسلام تابعًا لما نريد ، ونكون تابعين لما يريد غيرنا ، ولا يصح أن يكون الإسلام تابعًا لأهوائنا ، بل الواجب أن يكون هوانا تبعًا لما يأمرنا به القرآن الكريم والنبي الأمين ، ولقد قال رسول الله ﷺ: « لا يؤمن أحدكم ، حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به » . إذن يجب أن تخضع إرادتنا لحكم الإسلام ، لا أن نجعل الإسلام طيعًا لما نحب ونبغى ، فإن خالف ما نحب تركناه مهجورًا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
هذا هو رأي الفقيه الكبير الشيخ محمد أبو زهرة -رحمه الله- ويخلص إلى تأكيد أن « التأمين التعاوني هو السبيل لتحقيق كل ما يتصور في التأمين من مصلحة ، والتعاون يأمر به القرآن الكريم » .[center]
ما هي الفروق بين شركات التأمين الحالية وشركات التأمين التعاوني الإسلامي ؟
السؤال :
ما هي الفروق بين شركات التأمين الحالية التقليدية وبين شركات التأمين الإسلامية ، وهل المسألة لا تعدو إلا تغييرًا فـي الأسماء فقط ؟
الجواب :
لقد صدرت عدة فتاوى عن مجامع الفقه الإسلامي بعدم جواز نظم التأمين التقليدية لأن عقودها تتضمن : الربا والغرر والغبن والجهالة ، أما شركات التأمين التعاوني الإسلامي فتقوم عقودها على التعاون وعلى التبرع ، كما أنها تلتزم بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية في كافة معاملاتها وتخضع للرقابة الشرعية ، كما أنها لا تهدف إلى تحقيق الربح ويصبح فيها كل مشترك مؤمن ومؤمن له ، وتأسيسًا على ذلك فإن عقودها خالية من أي شروط أو بنود تخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
والجدول التالي يتضمن أهم الفروق بينهما .
شركات التأمين التقليدية الحالية | شركات التأمين التعاوني الإسلامي |
* فكرة التأمين: تجارية . | * فكرة التأمين: التعاون على البر وبنية التبرع |
* تمارس التأمين بهدف تحقيق الربح . | تمارس التأمين بهدف تحقيق التعاون بين المشتركين ويعاد توزيع الفائض عليهم . |
* تمارس كافة أنواع التأمين | تمارس أنواع التأمين المشروعة وتقع في مجال الحلال الطيب . |
* لا تعبأ بالحلال والحرام | * تنضبط بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية . |
* لا تخضع للرقابة الشرعية . | * تخضع للرقابة الشرعية . |
* هناك فصل بين المؤمن صاحب الشركة وبين المستأمن الذي يشتري بوليصة التأمين | * يعتبر المشترك مؤمنًا ومؤمنًا له . |
<hr align=left width="33%" SIZE=1>